ملحمة جلجامش و الطوفان ..الجزء الأول
استوقفتني في سورة القمر منذ فترة لفظة ( دسر) فعندما كنت أشتغل بحفظ القران الكريم ..أفادتني بعض كتب التفسير أنها المسامير المعدنية ..فنوح عليه السلام نجار فهو يهيئ السفينة لينجو من الغرق الأعظم بألواح من خشب و مسامير وقار ..و لكن المسامير تعني اكتشاف الحديد و تصنيعه و هذه لم تعرفها الحضارة الفرعونية مثلا الا في القرن الثامن قبل الميلاد .. و التاريخ لا يمدنا بأحداث كونية من هذا الحجم في الألف الأولى قبل الميلاد
فالحضارات التي تم اماطة اللثام عن بقايا جثثها ..أظهرت الحضارة الفرعونية و السومرية و هي تسحب في عمق الزمن الى حوالي ستة الاف سنة..أي الألف الرابعة قبل الميلاد
وبقايا الفراعنة لم تقدم لنا مادة في طوفان من حجم كوني ضرب الحضارة الفرعونية
و لكن ملامح و أساطير بلاد الرافدين نقلت بشكل واضح و مكرر عن ظاهرة طوفان كوني مريع من حجم فلكي حدث في منطقة محددة يجب التنقيب عن حدودها..
ظهر هذا واضحا في ملحمة جلجامش التي كشف النقاب عنها البحث الأركيولوجي من مكتبة نبوخذ نصر الاشوري..في بقايا مدينة نينوى (الموصل حاليا)
حيث ظهرت مكتبة عملاقة صفحاتها ألواح من الطين قد حفر عليها ما يشبه عمل المسامير ..المكتبةالاشورية هذه أشارت بشكل واضح الى طوفان أهلك الحرث والزرع و النسل و لم يبق على شيئ في منطقة الرافدين
كان عويل الرياح كانه صراخ المراة الحبلى و هي تضع..
منذ الألف الثالثة قبل الميلاد استقر في وعي الجماعي الانساني قصة طوفان مهول عم المعمورة..
فما هي حقيقة ما حدث بالضبط ..
لقد تم الكشف عن هذا في حفريات نينوى في منتصف القرن 19 على يد شاب انجليزي اسمه (أوستن هنري لايارد) كان في طريقه في رحلة سياحية باتجاه سيلان عام 1839 فأثارت انتباهه حفائر نينوى مما جعله يصل لاحقا الى الكشف عن ثرات أدبي حافل من مكتبة الملك (نبوخذ نصر) باللغة الاشورية
فيها اشارة الى قصة الطوفان و كان ( هنري رولنسون ) الذي كان يعمل ملحقا عسكريا في السفارة البريطانية في ايران..ثم القنصلية البريطانية في بغداد لاحقا..قد فك أسرار اللغة الفارسية القديمة من النقوشات التي حفرها الملك الفارسي ( دارا الأول) على حجر بهستون فر كرمان شاه.. ويشبه كشف حجر رشيد في اثارته و أهميته..الذي فك ألغازه (شامبليون) الفرنسي في جهد استغرق غشرين عاما..
و اخترق الحضارة الفرعونية فانطقها و بعثها الى الحياة تروي سحر القرون..
رولنسون فعل نفس الشيئ مع حجر دارا بجهد استغرق 12 عاما ..اضطره أحيانا أن يشد نفسه بالحبال و يتدلى مثل القرود على ارتفاع 300 قدم ..معرضا نفسه لأشد الأخطار في نهم علمي لا يعرف الاشباع
دفعه الى متابعة عمله في العراق ليميط اللثام عن القصة الكاملة للطوفان
من خلال مكتبة مكونة من 25000 لوح من الطين المحروق قد نقشت فيه حروف غريبة بما يشبه وخزات المسمار مما جعلهم يسمونها اللغة المسمارية .. و مما جاء في اللوح الحادي عشر وصف رهيب للطوفان
هبت الرياح ستة أيام و ست ليال طغى فيها السيل و العاصفة و الطوفان على العالم ..ثار السيل و الطوفان معا كالحشود المتحاربة .. وعندما أشرق اليوم السابع انحسرت عاصفة الجنوب..هدأ البحر و سكن الطوفان..نظرت الى سطح العالم و قد ران عليه الصمت ..أصبح البشر كلهم طينا..كان سطح البحر يمتد مسطحا كسقف البيت ..فتحت كوة فسقط النور على وجهي عندئذ انحنيت طويلا جلست و بكيت ..جرت الدموع على وجهي..اذ كان الماء طاغيا في جميع الانحاء..
عبثا تطلعت بحثا عن الأرض و لكن على مبعدة 14 فرسخا ظهر جبل وهناك رست السفينة ..ثبتت و لم تتزحزح.
ولعل اليهود من سبي بابل حملوا معهم هذه الأساطير فجاء ذكرها يشكل واضح في العهد القديم ..باختلاف أن المياه التي تدفقتلم تكن أسبوعا على الرواية الكلدانية للطوفان بل دام تدفق المياه أربعين يوما..و هكذا تم تسجيل طوفان مرعب في الذاكرة الجماعية للجنس البشري.
و اذا كان الطوفان في مخلحمة جلجامش قد استغرق أسبوعا من تدفق المياه بدون توقف ففي العهد القديم أربعين يوما و بالطبع لا يمكن مقارنة الدقة والبلاغة الموجودة في القران الكريم من النص الذي سنورده
وكان الطوفان أربعين يوما على الأرض و تكاثرت المياه و رفعت الفلك فارتفع عن الأرض و تعاظمت المياه و تكاثرت جدا على الأرض فكان الفلك يسير على وجه المياه
و تعاظمت المياه كثيرا جدا على الأرض فتغطت جميع البلاد الشامخة التي تحت كل السماء
عرض القران لقصة الطوفان ..و جاء العرض يؤكد الخراب المرعب الذي ترتجف له المفاصل
حدث كوني من هذا الحجم و سفينة معالجة في الغالب بالواح الخشب وألياف تربطها و القار تطلى به لمنع تسرب المياه ..كله تشير الى حدث ما قبل التاريخ و المعلومات الجديدة التي تدفقت اليوم على مجموعة كبيرة من العلماء من خبراء المحيطات و الجيولوجيين التي تنقب كل شبر في الارض و صلت حتى نهاية دجنبر من عام 1996 الى اختق معرفي جديد في قصة الطوفان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق