الخميس، 20 فبراير 2014

شبيه الأرض

بقلم الأستاذ / جاد أرهمي

حتى فترة قريبة ، لم تكن سوى قلة من العلماء تعتقد فعلا بوجود أعداد كبيرة من كواكب سيارة تشبه الأرض ، منتشرة في أرجاء الكون . وراقت هذه الفكرة تماما لكتاب الخيال العلمي قبل فترة طويلة من اقتناع العلماء بها ، ويبدو أن الخيال والعلم باتا على مقربة من بعضهما بعضا . فبصورة تدريجية ، تتزايد الأدلة على وجود كواكب سيارة شبيهة بالأرض في الكون ، كما تتسع صفوف العلماء المؤيدين لهذه الفكرة أيضا .
وفي هذا السياق ، تأتي النتائج التي أعلنت خلال الاجتماع الـ 221 لـ الجمعية الأميركية للفلك ، وبينت أن الكواكب الصغيرة التي تشبه كوكبنا كثيرة . وأشار عالم الفلك جون جونسون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في مركز الدفع النفاث في باسادينا وهو تابع لـ وكالة الفضاء الأميركية - ناسا إلى وجود مئة مليون كوكب في مجرتنا بأحجام قريبة من كوكب الأرض .
جرى التوصل إلى هذه الاكتشافات بفضل مسبار الفضاء كبلر التابع للـناسا ، الذي سجل وجود عدد يتزايد باطراد من الكواكب السيارة خارج المجموعة الشمسية ، بمعنى أنها تدور حول نجوم - شموس غير شمسنا ، منذ اطلاقه في العام 2009 . وأعرب كريستوفر بروك من مشروع سيتي المتخصص بدراسة الحضارات الكونية في مؤسسة ماونتن فيو في كاليفورنيا ، عن قناعته بأن العدد الاجمالي للكواكب السيارة الشبيهة بالأرض كونيا ، ربما وصل إلى 2740 ، بما فيها 461 كوكبا سيارا جديدا أعلن عن وجودها خلال الاجتماع المشار إليه آنفا . وارتفعت نسبة الكواكب السيارة التي ربما ماثلت الأرض حجما ، إلى قرابة 43 في المئة من الكواكب التي تكتشف خارج منظومتنا الشمسية ، بالمقارنة مع ما كانته قبل سنة من بداية أعمال كبلر .
يراقب كبلر الأضواء المنبعثة من قرابة 150 ألف نجم . وفي حال مر كوكب سيار أمام أحدها ، يرصد المسبار خفوتا ضئيلا ودوريا في ضوء النجم ، بالترافق مع دوران ذلك الكوكب حول نجمه . وأكدت المشاهدات بواسطة تلسكوبات أرضية أن الكواكب السيارة المشابهة حجما للأرض ، التي لوحظت بعد أن راقبها كبلر ، تصل إلى قرابة 105 كواكب سيارة . ورصدت مع هذه الكواكب مجموعات من نجوم يدور أكثر من كوكب حول كل منها . تدور معظم تلك الكواكب السيارة على مسافة قريبة من نجومها ، بل أنها تقل عن المسافة التي تفصل كوكبنا عن نجمه أي الشمس .
وأضاف جونسون أن كبلر يراقب عددا كبيرا من النجوم ، ما يعني أن قوته الحقيقية تكمن في الإحصاءات التي يوفرها للـ ناسا . وأشارت النتائج التي توصل إليها كبلر إلى أن مجموعات الكواكب التي تدور حول نجوم من نوع القزم الأحمر هي النوع الأكثر شيوعا في مجرتنا . كما أظهر تحليل إحصائي دقيق أجراه فرانسوا فريسين من مركز هارفارد - سميثسونيان لعلوم فيزياء في كامبردج في ولاية ماساتشوستس ، أن لمعظم النجوم التي تشبه الشمس لديها مجموعة كواكب تدور حولها ، وأن كوكبا واحدا على الأقل من أصل ستة من هذه الكواكب ، يوازي الأرض حجما . وأضاف أنه يعتقد بأن طبيعة معظم الكواكب التي تكون بحجم الأرض صخرية ، لأنها لو كانت غازية ، لكانت تبخرت ، بحسب كلمات فريسين .
إلا أن معظم هذه الكواكب قد يكون قريبا جدا من نجومه الأم وهي بالتالي لا تحمل مقومات الحياة نظرا إلى سخونتها . وتابع فرنسين بالقول إنه من المبكر تحديد عدد الكواكب بحجم الأرض التي تطوف حول نجومها الأم في ما يسمى بالمنطقة القابلة للسكن حيث تسمح درجة الحرارة المعتدلة فيها بوجود ماء سائل على سطح الكوكب .
في الوقت نفسه ، بدأ كبلر يعثر على هذه الكواكب . وخلال الاجتماع ، أعلن بورك عن وجود كوكب مرشح خارج المجموعة الشمسية يفوق بنسبة 50 في المئة حجم الأرض في منطقة قابلة للسكن حول مدار نجم شبيه بالشمس . وأشار إلى غموض كبير على هذا الصعيد . فنحن بحاجة إلى بضع سنوات إضافية قبل أن نتمكن من تأكيد وجود كوكب يشبه الأرض فعلا .
وقال نايثن كيب من جامعة نورثويسترن في إيفانستون في إيلينوي ، إنه في حين يبحث كبلر عن كواكب تدور حول نجوم أخرى ، تطوف بلايين الكواكب الضالة في الفضاء بين النجوم . كما كشــفت المحاكاة على الحاسوب التي قدمها كيب خلال الاجتماع أن الكواكب التي تدور حول النجم الذي يملك رفيقا نجميا بعيدا تواجه خطر دفعها إلى الفضاء جراء اضطرابات الجاذبية . وتابع كيب بالقول إنه بما أن معظم النجوم تشكل جزءا من النظام الثنائي ، تعد هذه الحادثة مألوفة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق