في 24 فبراير نشرت جريدة الأخبار الالكترونية اللبنانية خبراَ عن بلدة الورهانية في الواقعة في جبل الشوف- لبنان، حيث لم يعتد أبناؤها ذوو الغالبية الدرزية، عليه بعد. بدأت القصة أثناء دفن أحد الأشخاص في البلدة، إذ عُثر في مدافن البلدة على جثمان الشيخ أبو غالب فارس غانم المتوفى في 17 شباط 1994 في وضع لا يختلف كثيراً عن جثة رجل ميت حديثاً. الجثة لم تتآكل، وشعر لحيته الطويلة البيضاء ما زال على حاله.ويقول أخوه الأصغر الشيخ حليم غانم (86 عاماً): «عندما وجدنا الجثمان في المدافن، لم يكن من الصائب إبقاؤه هناك، فنقلناه إلى مدفن خاص به في منزله. وضعناه بداية في تابوت من الزجاج لمدة خمسة أيام، وقد أتى كثيرون للتبرك لكن المرجعيات الدينية ارتأت دفنه، ولقد تحول مدفنه إلى مزار متواضع».
أستاذ الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور سامي مكارم قال لـ«الأخبار»: «ليس لدى الموحّدين الدروز ظاهرة تطويب قديسين، لكن، بما أن ما حصل مع الشيخ غانم أمر لا يحدث لكل إنسان، فلا شك بأن هذا يعني أن الله خصه دون غيره بهذه الكرامة». أضاف: «الشيخ التقي الورع عند الدروز يصار إلى تكريمه بعد موته بأن يدفن في حجرة معينة ويصبح هذا المدفن مقاماً أو مزاراً». أردف: «مع أن الجسد يفنى ولكنه كان مكاناً لروح طاهرة، لذلك يستحق هذا الجسد التكريم». بدوره أكد الشيخ حليم غانم أن شقيقه الشيخ فارس «كان يعمل سبعة أيام، وكان يأخذ حاجته لإعالة عائلته، ويذهب إلى القرية ليوزع الباقي على المحتاجين والأرامل. حتى نعت يوماً بـ«فارس الأخوت» لكونه يعطي المعوزين القسم الأكبر مما كان يجنيه من مال بعرق جبينه. خدم سائساً للمجلس الديني للدروز في الورهانية لمدة اثني عشر عاماً، ووقف جزءاً من أملاكه وقدمها لبناء مستشفى قائم اليوم في عين وزين». أضاف الأخ: «نحن مؤمنون بأنه كانت لديه حسنات عند سيد الخلق لم نكن نعلم بها في حياته، أدت إلى اكتشاف جثته بعد أربعة عشر عاماً وهي ما زالت على حالها». لكن هل من علاقة بين صلاح النفس وتقواها بالجسد، ليحفظ هذا الأخير بعد الممات؟ يجيب الشيخ بدري أمان الدين عن هذا السؤال: «يكفي في سرد حياة هذا الشيخ أنه أفنى قسماً كبيراً من حياته يأخذ حاجته ويعطي الباقي للمعوزين. ويرى البعض في أيامنا هذه أن القداسة يجب أن تكون ظاهرة وبارزة بقصد البهرجة، بينما العكس هو الصحيح، فالأكثر قداسة هم غير المشهورين».ويشارك مكارم رأي أمان الدين بقوله: «صفات الموحد المؤمن هو الذي إذا دخل لا ينتبه إليه، وإذا خرج لا يفقده أحد». وختم أمان الدين: «لقد كان مسلك هذا الرجل صوفياً، ربما بغير معرفة، بل بالفطرة، وأنا أراه أكثر جمالاً من أن يتعلم ويعمل، لأنه بهذا يكون مستودعاً من الله تعالى عندما كيّفه على هذه الخاصية. عمله في دنياه قاده إلى بقاء شكله بحالة جيدة بعد وفاته، فحياة التقشف التي عاشها جعلته يتكيّف مع الطبيعة فلم تتآكله عواملها».
تفسيرات محتملة
شهد العلم اكتشافات تاريخية تتعلق بجثة الماموث المنقرض في سفوح سيبيريا الثلجية وهو حيوان قريب من فصيلة الفيلة، حيث حفظت الجثة بكاملها ولآلاف السنين بفعل البرودة العالية في منطقة قريبة من القطب الشمالي، وعلى هذا المنوال يبقى السؤال لما لا تكون منطقة أعالي جبل الشوف الباردة نسبياُ في لبنان قادرة أيضاً على حفظ جثة الشيخ الدرزي لعدد قليل من السنوات أيضاً ؟! كما أرجو التحقق من ظروف حفظ الجثة في المكان الذي اكتشفت فيه بطريقة علمية أكثر ليتسنى لنا الحكم على ما جرى.
المصدر
اقرأ أيضاً ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق