في البداية لم اكن اعلم أو لم أكن أنتبه أن هناك شيء ما يملي علي ما أفعله، يوجهني في بعض الاحيان من غير صوت، تكون هناك مواقف علي إتخاذها إلا أن شيء ما بداخلي يجعلني أتوقف أو أسكت فأجد نفسي أقوم بشيء ينافي العقل والمنطق رغم علمي بأن هذا ليس من طبيعتي وليس أنا ، وحينما يملي هذا الشيء يحدث ما كنت فعلاً أرغب بحدوثه وكأنه يعلم رغبتي فيقودني لما يجب يكون التصرف ، ولم يحدث أن خذلني هذا الشيء يوماً ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد ففي أحد المرات دخلت بنقاش مع صديقي وانتبهت بعد انتهاء الحوار لمعلومة قلته لها ، هذه المعلومة أطاحت بخصمي وجعلني أربح تلك المناظرة مع أنني كنت أجهلها من قبل إذ لم يحدث أن قرأت أو سمعت عنها قط وهي ليست استنتاج بل شيء مستقل بحد ذاته ، كان هذا تدخلاً أكثر وضوحاً.
وغصت بذاكرتي لأجد مواقف مشابهة وكثيرة ولم تسعفني ذاكرتي بطرحها بشيء من التفصيل ومنها أنني اعلم أشياء لا دخل لي بها ، على سبيل المثال أعلم إذا كانت فلانة حامل أم لا ، حيث علمت بأن قريبتي حامل بدون أن أمتلك دليلاً على ذلك من دون أن يخبرني أحد وقبل أيام فقط من قيامها بالتحليل لمعرفة فيما إذا كانت حامل أو أن أعلم بأن فلان يكذب بهذا الشأن ، الغريب أنه حينما اتفوه أو أعلم شيء كهذا يكون حقيقة محضة.
وأذكر أنني حينما كنت تلميذاً صغيراً حللت مسألة رياضيات بطريقة لم أتعلمها من أحد ولم اسمع بها من قبل ، حللت المسألة وكأنني أعرف الجواب منذ قديم الأزل ، وكذلك راجعت طريقة الحل ووجدت أنني كتبت شيئاً لم أعرفه ! وقتها خلت نفسي أنني اكتشفت طريقة جديدة ولكن وجدت لاحقاً أنها مذكورة في الكتب.
وفي الجامعة وخلال دراستي لأحد مواد البرمجة وجدت نفسي أعرف طرق حل الكثير من المسائل بحيث يعجز باقي الطلاب عن حلها ولكني لم أعلم كيف استدللت على طريقة الحل !، وأجد نفسي بعد أن أفتح البرنامج وحين انتهي يكون الحل صحيح ولا أعلم كيف توصلت لهذا الحل فليس لدي أدنى خبرة أو معرفة بهذه البرامج خصوصاً انها كانت المرة الأولى التي آخذ هذه المادة .
وأحياناً يتعدى الأمر موضوع التفكير ليطال المشاعر حيث أشعر فجأة بنفور من بعض الأشخاص أو الأشياء أو إنجذاب ليس له مبرر ، وفي كثير من الأحيان وعندما أنام لا أشعر بأنني موجود في هذا العالم ، وحينما يقترب مني أحدهم أو يحدث شيء أقوم مفزوعاً أو أصرخ بعض الاحيان، اقفز من نومي وأتكوم في زاوية السرير . وإن لم يحدث ما يقاطع نومي استيقظ وأنا أعلم بأن شيئاً ما حدث ، فلا أكون أذكر أي شيء مما حصل في نومي وكأن شيئ ما اتى وامسح من ذاكرتي كل ماحدث خلال نومي ولكن يكون هناك أثر لما حدث ، فمثلا أكون قد أجبت على اتصال من أحدهم أو كلمني أحدهم وانا نائم بدون أن أفزع فأرد عليه وحين أفيق يتفق الجميع على انني كلمتهم أو كما قلت أجد مكالمة هاتفية اجبت عليها و هذا تكرر لعدة مرات وإن بشكل نادر.
وفي احد المرات تركت لخيالي حرية الانطلاق و انا في كامل وعيي ولم اكن اقصد ان ابحث عنه ، لكن تجسد في خيالي رجل لا استطيع ان اتذكر ملامحة لكني كنت اشعر به ، كان يأتي وكأننا نعرف بعض جيدا وكأننا نعيش في عالم آخر ، عالم يشبه عالمنا، لنا ذكريات مع بعض وكأننا عشنا مع بعض ، ومن ثم ينشغل عقلي بشيء أخر فيتبدد الخيال وكأنه سراب ولا استطيع أن أركز في هذا الشيء لفترة طويلة ولكن حينما أفكر فيه اتذكر أمور حصلت بيننا وكأنها بالفعل كانت ، حاولت إهماله وقررت عدم العودة للخيالات لكن لم يتوقف تأثيره علي .
طريقة التواصل لم لا تكون بالكلام بل كان له قدرة على نقل الأفكار في عقلي ، وأنا أعلم انا هذا ليس أنا ، و من اتخذ القرار ليس انا ، لا أستطيع ان ألومه لأنه حين يأتي ويتدخل تكون النتائج جيدة وهذا الشيء يبعث الإطمئنان إلى نفسي ، ويأتي حينما يشاء ، لا استطيع التواصل معه في الوقت الذي أريد أو التحكم به.
ذهبت لشيوخ دين وقرأو علي وحدثت بعض الموقف التي أجد فيها نفسي في وعيها الكامل لما يحصل ، ولكن لست أنا من يقود التصرف وبعد فترة انقطاع طويلة ذهبت لشيوخ آخرين ولم يكن هناك شيء وكأنني توقفت عن الإدعاء كما كان يحدث مسبقاً. وراجعت طبيباً نفسياً وبعد المعاينة نفى أن أكون مصاباً بـ إنفصام ، لقد قرأت عن الحيوات السابقة وتناسخ الأرواح . ولكن ما زلن أبحث عن تفسير لما يحصل معي وفي كل محاولة بحث أكتشف أن هناك جزء كبير ما زال مفقوداً وكأنه مقصود كي لا أصل لحل هذا اللغز .
وأخيراً ... لا أكره هذا الشيء أبداً ولا أرغب بأن يتركني وما أريد التوصل إليه فقط هو أن أعلم ماهو ؟!
يرويها أنس (23 سنة) - قطر
ملاحظة
- نشرت تلك القصص وصنفت على أنها واقعية على ذمة من يرويها دون تحمل أية مسؤولية عن صحة أو دقة وقائعها.
- للإطلاع على أسباب نشر تلك التجارب وحول أسلوب المناقشة البناءة إقرأ هنا .
مواضيع ذات صلة ...
- إنفصام الشخصية
- 10 من غرائب إضطرابات الدماغ
- الكتابة التلقائية الباطنية
- استحضار ذكريات الحياة الماضية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق