الدخان الكوني Cosmic smoke
في هذا البحث تتجلى أمامنا معجزة حقيقية في كلمة واحدة هي كلمة ( دُخان ) الواردة في القرآن الكريم أثناء الحديث عن بداية خلق الكون . وعلى الرغم من اعتراض المشككين على هذه الكلمة بحجة أن العلماء يسمون السحب الكثيفة المنتشرة بين النجوم يسمونها بالغبار ، وهذا هو المصطلح العلمي ، إلا أن القرآن يثبت يوماً بعد يوم صدق كلماته ودقة تعابيره ، وهذا ما سنراه رؤية يقينية بالصور الحقيقية بالمجهر الإلكتروني .
يقول تبارك وتعالى في كتابه المجيد متحدثاً عن بداية خلق هذا الكون ، وكيف أن السماء كانت في بداية خلقها دخاناً ، وأن الله تعالى فصل بين هذه السماوات إلى سبع سماوات ، يقول تبارك وتعالى : ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) [ فصلت : 11-12 ] . هذا النص القرآني العظيم فيه عدة معجزات علمية لم تتجلى إلا حديثاً جداً .
فطالما نظر العلماء إلى الكون على أنه مليء بالغبار الكوني ، وكانوا كلما اكتشفوا سحابة يقولون إن هذه السحابة أو هذه الغيمة تتألف من ذرات الغبار . ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا إحضار هذه الجزيئات التي كانوا يسمونها غباراً كونياً جاؤوا بها إلى الأرض وأخضعوها للتحليل المخبري ، فماذا كانت النتيجة ؟
صورة لسحابة كثيفة من الدخان وقد كشفت لنا هذه السحابة الدخانية المظلمة النجوم القريبة منه ، والتي تعمل مثل المصابيح التي تكشف الطريق أمام العلماء . وسبحان الله حتى هذه النجوم سخرها الله لنا لنرى بها الدخان الكوني ونستيقن بصدق هذا القرآن ، وهنا ندرك ونفهم أكثر معنى قوله تعالى : ( وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) [ الأعراف : 54 ] .
طائرة مجهزة بوسائل اختبار من أجل التقاط ذرات الغبار الكوني من حدود الغلاف الجوي والقادمة مع النيازك الصغيرة جداً ، من أجل تحليلها في مختبرات وكالة ناسا . تأملوا معي كيف سخَّر الله لنا نحن البشر هذه الوسائل لنتعرف على بداية الخلق ، ولكن للأسف القرآن يوجه النداء لنا نحن المسلمين ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) ، ولكن الذي يستجيب له هم من غير المسلمين !!
يقول العالم الذي أشرف على هذا التحليل في مختبرات وكالة الفضاء الأمريكية ناسا : " إن هذه الجزيئات التي كنا نسميها غباراً كونياً لا تشبه الغبار أبداً ، وإذا أردنا أن نصف بدقة فائقة هذه الجزيئات فإن أفضل كلمة هي كلمة ( دخان ) وباللغة الإنكليزية تعني Smoke" .
صورة لمختبر تحليل الغبار الكوني The cosmic dust laboratory at the Johnson Space Center ويظهر العلماء الذين التقطوا ذرات من الغبار الكوني وأجروا تحليلاً دقيقاً له ، وهذا الغبار التقطته إحدى مراكب الفضاء ، وتبين بما لا يقبل أدنى شك أن ما كانوا يظنونه غباراً لا علاقة له بالغبار وأن هذه التسمية خاطئة ، وأن أفضل كلمة يمكن أن نعبر عن هذه الذرات هي ( دخان ) !
جهاز التحليل لذرات الغبار الكوني في مختبرات جامعة واشنطن ، وهو أول جهاز في العالم يتم تصميمه لدراسة الكون داخل المختبر بدلاً من المناظير . وقد أثبت هذا الجهاز الطبيعة الدخانية للسحب الغازية والغبارية المنتشرة في الكون .
والعجيب أن هذه الكلمة ( Smoke ) يضعونها بين قوسين ، لأنها كلمة جديدة عليهم ولكنها ليست بجديدة على كتاب الله تبارك وتعالى ، كتاب العجائب الذي حدثنا عن هذا الأمر قبل أربعة عشر قرناً . ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن هذا الأمر حدثنا بكلمة دقيقة وهي الكلمة ذاتها التي يستخدمها العلماء اليوم للتعبير عن حقيقة هذا الدخان الكوني .
ويقول العلماء اليوم بالحرف الواحد : إن انفجار السوبر نوفا ( انفجار النجوم ) والتي تبث كميات كبيرة من الدخان ، تعطينا حلاً لسر من اسرار الكون ألا وهو وجود كميات ضخمة من الدخان الكوني في بدايات نشوء الكون . إذاً العلماء يؤكدون أن الكون في بداياته كان مليئاً بالدخان !! أليس هذا ما يقوله القرآن في قوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ ) ؟!
من الحقائق الهامة في علم الفلك اليوم أن الدخان الكوني ينتشر بكميات هائلة في الكون ، وهو يحجب الضوء الصادر عن معظم النجوم . هذا الدخان يغطي سطح الكواكب ، ويمكن لسحب الدخان العملاقة أن تشكل النجوم والمجرات ، إذاً الدخان هو أساس مهم في بناء الكون . ويؤكد العلماء أن هذا الدخان موجود منذ بدايات خلق الكون .
طالما تحدث علماء الغرب عن " سحب من الغبار " منتشرة في هذا الكون الواسع ، ولكنهم أخيراً بدأوا يعترفون أن هذه التسمية ليست دقيقة علمياً ، بل إن كلمة " دخان " هي الأدق ، ولذلك يقولون بعدما اكتشفوا الدخان المنبعث من انفجارات النجوم Smoking Supernovae : " إن الغبار الكوني هو عبارة عن جزيئات دقيقة من المادة الصلبة تسبح في الفضاء بين النجوم . إنها ليست مثل الغبار الذي نراه في المنازل ، بل شديدة الشبه بدخان السيجارة . إن وجود هذا الدخان الكوني حول النجوم الناشئة يساعدها على التشكل ، كذلك الدخان الكوني هو حجر البناء للكواكب " .
والآن لنتأمل بعض الصور الحقيقية لجزيئات الدخان الكوني ، سواء التي التقطتها عدسات مرصد هابل الفضائي ، أو التي خضعت للتحليل المباشر تحت المجهر الإلكتروني .
جزيئة دخان كوني كما تبدو من خلال المجهر الإلكتروني ، ونلاحظ أنها تتألف من عدد كبير من الجزيئات الصغيرة ، وهذه الجزيئة تشبه إلى حد كبير جزيئات دخان السيجارة . وقد التقطت على سطح أحد النيازك الساقطة على الأرض . وهي أول صورة لجزيئات الغبار الكوني وتبين أن قطرها بحدود 3 مايكرو متر ( وقد تصل إلى 50 مايكرو متر ) ، وأنها تتركب بشكل أساسي من الكربون والسيلكون وهما المركبان الأساسيان للدخان الذي نعرفه .
هذا الدخان نتج عن انفجارات النجوم ، وقد يكون نتج عن الانفجار الكوني الكبير في بداية الخلق ، ويؤكد العلماء أن حجم السحب الدخانية قد يكون أكبر من حجم النجوم في الكون ! وهي تسبح بشكل دائم ، وهناك احتمال كبير أن يقترب هذا الدخان الكوني من رؤوسنا !!
أي أن العلماء لا يستبعدون أن تقترب منا سحابة دخانية تظلُّ الأرض بل وتخترق الغلاف الجوي ! والعجيب أن القرآن قد أخبر عن حدوث هذا الأمر وهو من علامات الساعة ، وأن الله سيكشف هذا الدخان ويمهل الناس لأن الناس وقتها سيلجأون إلى الله تعالى ، يقول تعالى : ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) [ الدخان : 10-15 ] .
صورة تمثل انفجار أحد النجوم في مجرتنا ، هذا الانفجار يبث كميات هائلة من الدخان الكوني التي تُقذف بعيداً عن النجم ، طبعاً هذه الصورة التقطت بواسطة الأشعة تحت الحمراء ، لأن هذا الدخان لا يُرى بسبب بعده عنا . الدخان الصادر عن الانفجارات النجمية ينتشر بكميات هائلة في الكون من حولنا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق