عندما يتمزق حجاب المستقبل ( رؤية القدر ) |
كتب احد العلماء : " الحجاب الذي يخبئ المستقبل يتمزق أحيانا بلمح البصر أمام بعض الافراد . والعلماء الشرفاء يضطرون الى الاعتراف بذلك . ولكن , الى الان لم يتوصل أحد الى شرح هذه الظاهرة " .
القصص الثلاث التالية تتناول الافراد الذين , إما في الحلم او اليقظة , يرون بوضوح وبكل التفاصيل , حادثا مستقبليا لا شئ يتيح توقعه . فالاشخاص الذين ابصروا هذه الروئ لم يكونوا وسطاء , ولم يعرفوا مثلا أية ظواهر غير عادية ولم يشهدوا نظيرها فيما بعد .
رجلان ونعش |
رجلان ونعش
القصة الاولى حكاها العالم الالماني " رالف رايسمن " , فكتب : " كان عمري خمسة عشر ربيعا . وكنت أقضي عطلتي الصيفية مع أولاد عمي في بيتهم . ذات مساء بينما كان جميع رجال الاسرة غائبين , والنساء والاولاد وبعض الجيران مجتمعين في ردهة الاستقبال , حدث ما يلي في شهر آب , وكان الحر شديدا . ولم يكن أحد يرغب في النوم , فتاخرنا في السهر ونحن نتسلى بشتى الالعاب .
بغتة ابصرنا عبر النوافذ المفتوحة عربة شحن يجرها حصانان , تقف أمام المنزل . فسألت جدتي :
من تراه يأتي الينا في الساعة الحادية عشر ليلا ؟
فاقتربنا من النوافذ وراينا رجلين يسحبان من العربة نعشا كبيرا . وتقدما بحملهما المشؤوم نحو الدار , وفتحا الباب الذي لم يكن يقفل ابدا , ودخلا الى ممشى البيت . فصعقنا عندما رأينا الرجلين يحاولان الدخول الى ردهة الاستقبال حيث كنا . لكن المدخل كان ضيقا وقصيرا , فلم يتمكنا من تمرير النعش .
فأعاداه الى الشارع , ودارا حول المنزل , ثم اجتازا المطبخ وحاولا أن يدخلا الى الردهة عبر ممشى يصل بين الحجرتين . انما هذا الممشى لم يكن مستقيما , وهنا ايضا لم يتمكنا من تمرير النعش .
فرجع الرجلان من جديد الى الشارع , واذ لمحا نافذة مفتوحة دخلا منها الى غرفة تجاور الردهة .
بعد برهة قصيرة سمعنا بوضوح صوت مطرقة يسمر بها النعش . ثم شاهدنا الرجلين يخرجان من النافذة ويصعدان الى العربة , وغابا عن انظارنا .
كنا جميعا , مشدوهين من شدة الفزع , الى حد ان لم يجرؤ احد منا على الذهاب الى النوم . عندما عاد الرجال من الترنيم , روت لهم عمتي ما ابصرنا .
- نعش ؟ هتف عمي وهو يضحك . ما هذا المزاح , هيا بنا نشاهد ذلك . وجر أخوته واخوة زوجته الى الغرفة المجاورة . فسمعنا عمي يقهقه ضاحكا ويقول :
- ما بالكم تحملوننا على تصديق ما لا يعقل حدوثه ؟
فألقينا نظرة من خلال الباب . ولم نجد في الغرفة أي نعش .
- هل تمازحزننا حقا هكذا ؟
- لا, لا , أجابت عمتي وهي مضطربة . اؤكد لك أننا شاهدنا بأم عيننا شخصان يدخلان , وهما يحملان نعشا . قولوا لهم انتم ايضا ان هذا صحيح ...
فأكدت امي وجدتي , كما أكد الجيران جميعهم بصوت واحد ما رويناه . وأنا أيضا ذكرت بعض تفاصيل عن هيئة العربة .
لكن عمي لم يشأ ان يصدق حرفا واحدا .
- انتهت المهزلة , صاح عمي بصوت حاسم . هيا بنا الى النوم .
هذا ما فعلناه اخيرا , بدون ان يسعنا إدراك ما حدث فعلا ...
في الواقع المذهل , بعد اسبوع مات عمي فجأة . ولما كان الحر شديدا , طلب الطبيب وضعه حالا في النعش . فانتظرنا بعد الظهر وصول الدفانين . وفي الساعة الحادية عشر ليلا بالظبط . وصلت عربتهم ووقفت امام المنزل . أخدوا النعش , وحضرنا المشهد الكئيب كما كان قد جرى أمامنا ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة , قبل ثمانية أيام " .
حادث طائرة |
حادث طائرة
الحكاية الثانية رواها مرشال الجو " سر فيكتور كودار " , من الطيران الملكي البريطاني .
ذات مساء من كانون الثاني 1946 , كان " سر فيكتور كودار " بصحبة اصدقائه داخل مقهى في مدينة شنغ هاي . فوقف وراءه ضابضان دخلا في تلك اللحظة , وكانا يتحدثا بصوت عالي . بغتة سمع صوت احدهما يسأل :
- هل تعرف ما اذا كان المرشال " كودار " قتل هذه الليلة ؟
- كلا , اجاب الاخر , لم يبلغني ذلك .
فالتفت " فيكتور " ونظر اليه الرجل الذي طرح السؤال مدهوشا وقال :
- ماذا ارى ؟ أأنت هنا ؟
وصافح بتأثر ظاهر يد مرشال الجو الذي عرف الرائد " دوينغ " من البحرية البريطانية .
- نعم , انا هنا . لما ظننت انني مت ؟
- تصور اني حلمت بذلك هذه الليلة , اجاب الرائد دوينغ .
ولهذا السبب تساءلت عند استيقاظي من النوم عما اذا كان ذلك حلما ... كل شئ فيه كان جليا ودقيقا حتى اني خلت اني احضر وفاتك ... لم اشهد في حياتي حلما كهذا . لقد ابصرتك ترتطم بصخرة على الشاطئ في أخر النهار . وكانت العاصفة الثلجية على اشدها , وبقايا طائرتك من طراز داكوتا تتناثر على الساحل ...
ولما كان " سر فيكتور كودار " ينوي السفر في اليوم التالي لاول مرة في طائرة داكوتا تأثر قليلا . فسأله :
- وهل كنت وحدي في الطائرة ؟
- كلا , كنتم عديدين .
- من كان معي ؟
- عسكريان وثلاثة مدنيين : رجلان وامراة .
فتنفس " سر فيكتور " الصعداء وقال :
- شكرا . ه قد ضمأنتني . انا لا انقل سوى عسكريين . فحلمك لا يعنيني . وغادر المقهى .
مساء , أتى شخص ونبهه الى انه سينقل استثنائيا الى طوكيو القنصل " جورج اؤكدان " والجليل " سيمور باري " والانسه " دوريتا بريكسبير " , لان حضور هؤلاء الثلاثة ضروري جدا في العاصمة اليابانية . فأزعج هذا الخبر " سر فيكتور " . لان لا حيله له سوى الاذعان .
في صباح اليوم التالي , طار في الساعة الخامسة , وكل شئ جرى على ما يرام حتى المساء . إنما عند الساعة الثامنة ليلا , ثقل الجليد
المتجمع على الطائرة اثناء تحليقها , واخد يضطرها الى الهبوط . وعلى ارتفاع بضع مئات من الامتار عن الارض , اجتاحت الطائرة عاصفة ثلجية هوجاء تقاذفتها كريشة في مهب الريح , وقذفتها بقوة جهنمية .
أخيرا اصطدمت الطائرة بالارض وسمعت لها ضجة فظيعة . فظن " سر فيكتور كودار " نفسه قد مات .
في الحقيقة نجح ربان الطائرة في تجنب بعثرة اجزائها , ونجا جميع من فيها رغم تحطمها . وعندما طلع النهار , ذهب " سر فيكتور " لتفقد مكان الحادث . فوجده كما وصفه له الرائد " دوينغ " .
الاصطدام المروع |
الاصطدام المروع
وها هي الرواية الثالثة .
بتاريخ 20 كانون الاول 1933 , جلس السيد" رنيه بلتيه " المتقاعد القاطن فونتنبلو , في مقعده ليتناول فطوره قرب المقعد , وما لبث ان استسلم الى النوم .
فجاة سمعته زوجته التي كانت تحوك بالصنارة , يئن من الالم . فظنته يحلم حلم مزعجا , وترددت في ايقاظه .
مرت بضع دقائق , وواصل السيد " بلتيه " انينه .
فجاة افلتت منه صرخة وفتح عينيه , وهو شارد الفكر يرتجف والعرق يتصبب من وحهه . فدنت منه زوجته , والقلق مرتسم في عينيها وسألته :
- ما بك ؟ هل كنت تحلم ؟
- آه ! الامر رهيب , صاح السيد "بلتيه" وهو يرتعش . لقد شعرت بأن كابوسا فظيعا يجثم على صدري . كنت بالقطار , وكان يسرع في الضباب . بغته حدث اصطدام هائل , وانقلبت عرباته في كل اتجاه . ورايت اشخاصا مقطوعي الراس ومبتوري الاعضاء , والدم يلوث كل شئ , والجرحى يعولون , والموتى متمددين هنا وهناك بالمئات , وكنت ازحف على الجثث . ثم تمكنت من الخروج من عربتي المطروحة ارضا على جانبها . كان الظلام مخيما , والناس يتراكضون على طول الخط الحديدي , يصرخون : الاصطدام عنيف فظيع , خلف مئتي قتيل ...
- هدئ من روعك , قالت السيدة " بلتيه " , هذا ليس الا كابوس , لا تفكر فيه ...
- الحق معك . لكن كل شئ بحالة جعلتني أعيش في جو كارثة رهيبة ... حتى هذه اللحظة , لا ازال اشاهد العربات المحطمة المتناثرة ... وهذا الرجل فقد ذراعه يصرخ : نحن الان في مدينة تورينيي .
- هيا هدئ روعك , كررت السيدة " بلتيه " . سأعد لك فنجانا ساخنا .
فهدأ السيد " بلتيه " قليلا . لكنه , عندما اقبل المساء لم يستطع ان يمتنع , وهو ذاهب ليأتي بلفافة دخان , عن رواية قصة الكابوس لبعض جيرانه .
بعد ثلاثة ايام , في 22 كانون الاول , تسبب الضباب في اصطدام بين قطارين , في محطة لانيي تورينيي , وكانت الساعة السادسة والنصف ليلا والظلام المخيم فاحم السواد .
وكانت حصيلة هذا الاصطدام مئتين وثلاثين قتيلا .
صحة وقوع هذه الحوادث الثلاث اكيدة لا تقبل اي ريب .
فالاولى , رواها الاستاذ "رالف رايسمن " نفسه , وكلام هذا العالم المحترم فوق كل شبهة . والثانية رواها " سر فيكتور كودار " في مذكراته عن الحرب . اما الثالثة منشرتها صحف عديدة إثر كارثة سكة الحديد في العام 1933 .
واما انتم ايها القراء الاعزاء , هل لديكم تجارب غريبة كهذه التجارب التي ذكرت !!! ارجو ان لا تبخلوا بذكرها , وشكرا .
اعداد : سنان المراغي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق