الخميس، 28 أغسطس 2014

الشفق الأحمر

كل يوم يلتقيان عند الشاطئ لرؤية مغيب الشمس بمشهد ساحر جميل، تودعهما الشمس كل يوم بلون أحمر ودائماً تختفي خلف البحر ذلك المكان الواسع المجهول يخفي الشمس الجميلة بداخله ليطلق سراحها في الصباح ، لم يمر يوم بدون أن يشاهدا الشمس عند المغيب.

 ذلك المشهد يسحر عقولهما ويشعرهما بالحرية والسعادة ، الشاطئ هو بمثابة الارض التي تؤويهما والسماء هي السقف الذي يحميهما والشمس هي النور الذي يضيء لهما، يجلسان دون حراك يحملقان في الشمس ويبقيان على هذا الحال إلة أن تختفي الشمس ويحل الظلام وعندها يعودان من حيث أتيا .. الجمال كثير عند الشاطئ ولا يوجد جمال يشبهه في مكان ما ... مرت الايام والمشهد يتكرر ، يذهبان الى الشاطئ بشكل يومي متكرر بنفس الوقت وعند وصولهما يجلسان على الرمال الذهبية ويحدقان في الشمس دون أن ينطقا بكلمة واحدة ومن ثم يعودان .

مرت السنين والشمس كما هي لا تكبر ولا تنطفئ ولكن الانسان هو الذي يكبر ونوره ينطفئ ، كانت بلدهم على وشك الدخول في حرب كبيرة وأعلن التجنيد الاجباري على كل الشباب ومن ضمنهم صديق الشمس الذي كبر وأصبح شاباً قوياً، ذلك القرار حرمه من الجلوس مع صديقته على الشاطئ ورؤية الشمس الجميلة ..

مرت الايام وأصبح جندياً في الجيش رغماً عنه لأنه لا يحب الحرب أبداً ، كان بامكانه رؤية الشمس في مكان التدريب ولكن الشمس لا تبدو جميلة إلا عند الشاطئ فقط ... دقت الطبول وأعلنت الحرب في كافة أنحاء البلاد واستعد الجيش للمعركة لكن قبل ذهابه الى الحرب توجه الى الشاطئ فوجد صديقته جالسة وتنظر الى الشمس ودموعها تعكس بريق الشمس في وجهه ، جلس بجانبها وخاطبها : " اسمعي , سنعود كما كنا لن أتركك أعدك بذلك لن أفارق الشمس .. تبا للحرب .. فقط انتظريني هنا .. سأعود بعد انتهاء المعركة أعدك بذلك ، ثقي بي , فقط انتظريني هنا .. سأعود .. سأعود " .

اندلعت الحرب وطغت أصوات القنابل على صوت مياه الشاطئ وغطى دخان القنابل نور الشمس ومع ذلك بقيت صديقة الشمس جالسة تنتظره على الشاطئ لأنه سيعود كما وعدها ، انقضت ثلاثة أشهر وأصوات القنابل والطائرات لم تسكت، صديقة الشمس بقيت جالسة ومتصلبة في مكانها لعله يعود فالأمل في قلبها لن ينطفئ.

بعد ستة أشهر أعلنت الهدنة ووقف الحرب وعاد الهدوء من جديد ، تلك الحرب أزهقت أرواح الآلاف وأثارت الفوضى في كل مكان كما أنها حجبت نور الشمس لستة أشهر .. زاد الأمل في قلبها بظهور نور الشمس بعد مغيب طويل، جلست على الشاطئ تنتظر عودته كما وعدها , انتظرته طويلاً .. لكنه لم يأتي , كل يوم يمر تذرف الدموع لفراقه حتى تختلط دموعها بمياه البحر ... مرت ستون سنة من الانتظار ولكنه لم يأتي , كبرت صديقة الشمس وأصبحت عجوز , لكن كبر سنها لم يمنعها من المجيء كل يوم والجلوس على الشاطئ لتنتظره لعل الشمس ترسل لها خبر عنه .

وفي آخر يوم لها في هذه الحياة جلست على الشاطئ تنظر الى الشمس وتنتظر، راقبت الشمس حتى غابت وأخفاها البحر بداخله، سمعت صوته ينادي : " لقد أتيت يا عزيزتي كما وعدتك وفي نفس المكان ... هيا بنا نذهب... أعطني يدك " ، مدت صديقة الشمس له يدها وذهبت معه الى عالمه الجميل وتركت جسدها الهزيل ملقى على الشاطئ.

تنويه ...
يسر موقع ما وراء الطبيعة نشر هذه القصة بناء على رغبة من المؤلف الذي أقام موقعاً لنشر إنتاجه من قصص الخيال ، يمكنك زيارته هـنـا


إقرأ أيضاً ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق