الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

الرأسمالية Capitalism


الرأسمالية     Capitalism


يشير مصطلح الرأسمالية بشكل عام إلى نظام اقتصادي تكون فيه وسائل الإنتاج بشكل عام مملوكة ملكية خاصة أو مملوكة لشركات تعمل بهدف الربح ، وحيث يكون التوزيع ، الإنتاج وتحديد الأسعار محكوم بالسوق الحر والعرض والطلب .
بحسب الحتمية التاريخية بحسب ماركس ، فإن الرأسمالية هي ثمرة التطور الصناعي و النقلة النوعية في وسائل الإنتاج المتخلفة في العصر الإقطاعيإلى الوسائل المتطورة في الثورة الصناعية و التي كانت ظهور الرأسمالية فيها كأحد التبعات ، عقب التوسع العظيم في الإنتاج بدأت الإمبريالية بالظهور من خلال وجود شركات إحتكارية تسعى للسيطرة على العالم فبدأت الحملات العسكرية الهادفة لاحتلال أراضي الآخرين و تأمين أسواق لتلك الشركات و هذا فيما يعرف بالفترة الاستعمارية ، ظلت ذيول هذا الاستعمار على الرغم من استقلال العديد من الدول لاحقاً حيث مولت هذه الشركات عدة انقلابات عسكرية في فترة الخمسينات و الستينات في دول أمريكا اللاتينية بهدف الحفاظ على هيمنتها على تلك الدول .
تؤمن الأنظمة الرأسمالية بالفكر الليبرالي و هو انتهاج الرأسمالية كاقتصاد و الديمقراطية كسياسة ، تعتبر المقولة الفرنسية ( دعه يعمل دعه يمر ) هي الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة و نقل البضائع و السلع بين البلدان و دون قيود جمركية ، كانت الشيوعيةبتمسكها المفرط بالحد من الملكية التي بنظرها السبب الرئيسي لإستغلال الإنسان لأخيه الإنسان كرد فعل على التوسع المفرط في الملكية داخل النظام الرأسمالي المنقسم لطبقتين الأولى ثرية و الأخرى فقيرة وعاملة اصطلح عليها كارل ماركس بـ ( البروليتاريـا) .
وبهذا يكون تعريف الرأسمالية بالتالي فهي نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها ، متوسعاً في مفهوم الحرية ، ولقد ذاق العالم بسببه ويلات كثيرة ، وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض .
وأما تأسيس الرأسمالية فقد كان تدريجياً ، حيث كانت أوروبا محكومة بنظام الإمبراطورية الرومانية التي ورثها النظام الإقطاعي . ثم ظهرت ما بين القرن الرابع عشر والسادس عشر الطبقة البورجوازية تاليةً لمرحلة الإِقطاع ومتداخلة معها . ثم تلت مرحلة البورجوازية مرحلة الرأسمالية وذلك منذ بداية القرن السادس عشر ولكن بشكل متدرج ، فلقد ظهرت أولاً الدعوة إلى الحرية وكذلك الدعوة إلى إنشاء القوميات اللادينية والدعوة إلى تقليص ظل البابا الروحي ، ثم ظهر المذهب الحر ( الطبيعي ) في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في فرنسا حيث ظهر الطبيعيون .
ومن أشهر دعاة هذا المذهب :
·        فرانسوا كيزني ( 1694 – 1778 ) ولد في فرساي بفرنسا ، وعمل طبيباً في بلاط لويس الخامس عشر , لكنه اهتم بالاقتصاد وأسس المذهب الطبيعي , نشر في سنة ( 1756م ) مقالين عن الفلاحين وعن الجنوب ، ثم أصدر في سنة ( 1758م ) الجدول الاقتصادي وشبَّه فيه تداول المال داخل الجماعة بالدورة الدموية ، قال ميرابو حينذاك عن هذا الجدول بأنه : " يوجد في العالم ثلاثة اختراعات عظيمة هي الكتابة والنقود والجدول الاقتصادي " .
·        جون لوك ( 1632 - 1704 ) صاغ النظرية الطبيعية الحرة حيث يقول عن الملكية الفردية : " وهذه الملكية حق من حقوق الطبيعة وغريزة تنشأ مع نشأة الإِنسان ، فليس لأحد أن يعارض هذه الغريزة " .
ومن ممثلي هذا الاتجاه أيضاً تورجوو ميرابو و سايو باستيا .              
ظهر بعد ذلك المذهب الكلاسيكي الذي تبلورت أفكاره على أيدي عدد من المفكرين الذين من أبرزهم :
·         آدم سميث ( 1723 – 1790 ) وهو أشهر الكلاسيكيين على الإِطلاق ، ولد في مدينة كيركالدي في اسكوتلندا ، ودرس الفلسفة ، وكان أستاذاً لعلم المنطق في جامعة جلاسجو , سافر إلى فرنسا سنة ( 1766م ) والتقى هناك أصحابَ المذهب الحر . وفي سنة ( 1776م ) أصدر كتابه ( بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم) هذا الكتاب الذي قال عنه أحد النقاد وهو ( أدمون برك ) : " إنه أعظم مؤلف خطه قلم إنسان " .
·         دافيد ريكاردو ( 1772 – 1823 ) قام بشرح قوانين توزيع الدخل في الاقتصاد الرأسمالي ، وله النظرية المعروفة باسم " قانون تناقص الغلة " ويقال عنه إنه كان ذا اتجاه فلسفي ممتزج بالدوافع الأخلاقية لقوله : " إن أي عمل يعتبر منافياً للأخلاق ما لم يصدر عن شعور بالمحبة للآخرين " .
·         روبرت مالتوس ( 1766 – 1830 ) اقتصادي إنجليزي كلاسيكي متشائم صاحب النظرية المشهورة عن السكان إذ يعتبر أن عدد السكان يزيد وفق متوالية هندسية بينما يزيد الإِنتاج الزراعي وفق متوالية حسابية كما سيؤدي حتماً إلى نقص الغذاء والسكن .
·         جون استيوارت مل ( 1806 - 1873 ) يعدُّ حلقة اتصال بين المذهب الفردي و المذهب الاشتراكي فقد نشر سنة ( 1836م ) كتابه ( مبادئ الاقتصاد السياسي ) .
·         اللورد كينز( 1946 – 1883 ) صاحب النظرية التي عرفت باسمه والتي تدور حول البطالة والتشغيل والتي تجاوزت غيرها من النظريات إذ يرجع إليه الفضل في تحقيق التشغيل الكاملللقوة العاملة في المجتمع الرأسمالي ، وقد ذكر نظريته هذه ضمن كتابه ( النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود ) الذي نشره سنة 1936م .
·         دافيد هيوم ( 1711 - 1776م ) صاحب نظرية النفعية التي وضعها بشكل متكامل والتي تقول بأن : " الملكية الخاصة تقليداً تبعه الناس وينبغي عليهم أن يتبعوه لأن في ذلك منفعتهم " .
·         أدمون برك من المدافعين عن الملكية الخاصة على أساس النظرية التاريخية أو نظرية تقادم الملكية .
أما أسس الرأسمالية فهي التالية :
1.    البحث عن الربح بشتى الطرق والأساليب إلا ما تمنعه الدولة لضرر عام كالمخدرات مثلاً .
2.    تقديس الملكية الفردية وذلك بفتح الطريق لأن يستغل كل إنسان قدراته في زيادة ثروته وحمايتها وعدم الاعتداء عليها وتوفير القوانين اللازمة لنموها واطرادها وعدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية إلا بالقدر الذي يتطلبه النظام العام وتوطيد الأمن .
3.    المنافسة والمزاحمة في الأسواق .
4.    نظام حرية الأسعار وإطلاق هذه الحرية وفق متطلبات العرض والطلب ، واعتماد قانون السعر المنخفض في سبيل ترويج البضاعة وبيعها .
أما عن أشكال الرأسمالية فهي كالتالي :
-         الرأسمالية التجارية التي ظهرت في القرن السادس عشر إثر إزالة الإِقطاع ، إذ أخذ التاجر يقوم بنقل المنتجات من مكان إلى آخر حسب طلب السوق فكان بذلك وسيطاً بين المنتج والمستهلك .
-         الرأسمالية الصناعية التي ساعد على ظهورها تقدم الصناعة وظهور الآلة البخارية التي اخترعها جيمس وات سنة 1770م والمغزل الآلي سنة 1785م مما أدى إلى قيام الثورة الصناعية في إنجلترا خاصة وفي أوروبا عامة إبان القرن التاسع عشر . وهذه الرأسمالية الصناعية تقوم على أساس الفصل بين رأس المال وبين العامل ، أي بين الإِنسان وبين الآلة .
-         نظام الكارتل الذي يعني اتفاق الشركات الكبيرة على اقتسام السوق العالمية فيما بينها مما يعطيها فرصة احتكار هذه الأسواق وابتزاز الأهالي بحرية تامة . وقد انتشر هذا المذهب في ألمانيا واليابان .
-         نظام الترست والذي يعني تكوين شركة من الشركات المتنافسة لتكون أقدر في الإِنتاج وأقوى في التحكم والسيطرة على السوق .
-         الرأسمالية المالية التي ظهرت بعد تطور وظيفة الأبناك ، حيث انتقلت هذه الأخيرة من دور إيداع وحفظ الأموال إلى المساهمة بشكل فعال في الاقتصاد ، إن لم نقل العمود الفقري الرئسي لكل الاقتصاد العالمي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق